Read this in English
بقلم مريم ضاهر وميساء جلاد ونيكولاي مينتشيف وإليزابيتا بيتروستيفاني
يسعد فريق الإزدهار في مركز ريليف أن يعلن عن إطلاق "يوميات الحجر الصحي أثناء تفشي فيروس كورونا" وهي سلسلة من التأملات حول الحياة في سياق الوباء العالمي الذي نعيشه حاليًا. حين ضرب الوباء، تغيّر مسارات أبحاثنا في لبنان، وكان لا بد من تأجيل خطط السفر حتى إشعار آخر بسبب قوانين الإقفال العام، فلم يعد من الممكن القيام بالعمل الميداني وأنشطة البحث التي خطّط لها الفريق كما كان متوقعًا، واضطررنا إلى تنفيذ ورش عمل الفريق ومهامه عبر الإنترنت كلما أمكن ذلك. وعندما أصبحنا مقيدين ضمن حدود منازلنا، انتقلت حياتنا العملية إلى عالم التواصل الافتراضي عبر الإنترنت.
ولكن تأثير الوباء يتجاوز حدود العمل، وفي الواقع إنه يؤثّر على جميع مجالات الحياة من صحة شخصية ورفاهية إلى سبل العيش والروابط الاجتماعية والمشاركة السياسية والأنشطة الثقافية على سبيل المثال لا الحصر. وتغير دور وأهمية العديد من البنى التحتية في حياتنا، مثل الطرق والأرصفة والمنازل والإتصال عبرالإنترنت، وبدأ خيالنا يغيّر تصوراته للماضي والحاضر والمستقبل. كما أصبح النظام الاجتماعي القديم متعطلًا ومتجدّدًا في الوقت ذاته.
تمنح هذه التحولات والمعوقات فرصة لتجديد أفكارنا حول الإزدهار وتتيح لنا خلق تأملات ورؤى جديدة حول ظروف الحياة التي نريد أن نعيشها وما يهمنا كأفراد ومجتمع. وعلى المستوى المجتمعي الأوسع، تشاهد البلدان في جميع أنحاء العالم الضغط الذي يسببه الوباء على الاقتصادات وأنظمة الرعاية الصحية وسلال الإمدادات الغذائية من بين أمورٍ أخرى. وفي لبنان على وجه التحديد جاء الوباء في وقتٍ يعاني فيه من اضطراب سياسي واقتصادي، كما زاد من حدّة الأزمة القائمة أصلًا.
إن التغيرات الهيكلية الأوسع التي فرضها الوباء تظهر في أشكال معينة ضمن الواقع المعيشي للأفراد والأسر والمجتمعات، وهذا ما يثير عددًا من الأسئلة المهمة: كيف نختبر الأبعاد الهيكلية للتغيرات الجارية في حياتنا اليومية؟ وما هي التحديات والمخاوف وكذلك الآمال والتطلعات التي نتجت من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية الأكبر؟ وما هي الممارسات اليومية التي نستطيع القيام بها في حياتنا اليومية في ظل الوباء؟
تُقدّم "يوميات الحجر الصحي أثناء تفشي فيروس كورونا" لمحة عن شكل الحياة اليومية أثناء انتقالنا خلال المراحل المختلفة لإدارة الوباء، بدءًا من الإقفال العام إلى التخفيف التدريجي لقيود الإقفال والعودة إلى الروتين اليومي "العادي" بقدر ما هي العودة إلى الروتين القديم "العادي" ممكنة.
اليوميات التي كتبها باحثو مركز ريليف في لبنان هي مذكرات تتحدّث عن مجموعةٍ واسعةٍ من الخبرات والأفكار والأنشطة التي تتّسم بها الحياة اليومية. كما سيلاحظ قرّاء هذه اليوميات بلا شك الاختلاف الكبير بين مواقف وخبرات المشاركين الموضّحة في النصوص، فالبعض كتب عن قدرتهم على الاستفادة من الإقفال العام للتمهّل والتأمّل واكتشاف هوايات جديدة والاستمتاع بوقتهم في المنزل، بينما تحدّث البعض الآخر عن أنواع ردود فعل معاكسة مثل مشاعر التوتر والقلق والخوف الناتجة عن التدهور الاقتصادي والاجتماعي، حيث أن مجتمعات العالم أجمع تكافح لإيجاد طرق متماسكة وفعّالة للتعامل مع هذا الوباء. تسلّط هذه الاستجابات المتنوعة الضوء على الطبيعة المعقدة لتجاربنا في الوقت الحاضر. ولذلك تدعوننا إلى التأمّل ليس فقط في التحديات التي نواجهها ولكن أيضًا في الأشياء التي نعتز بها والأعمال التي يمكننا القيام بها لدعم الناس والمجتمعات التي نهتم بها في هذه الأوقات غير المسبوقة.
سوف تُنشر هذه اليوميات بشكل دوري، لذا تابعونا هنا للتعرف على المستجدات القادمة!
صورة نينا عبد الملك على Unsplash