Read This in English
مذكراتي العزيزة،
منذ أسبوعين حتى الآن، كنت أتابع أخبار وتطورات جائحة فيروس كورونا المنتشر في جميع أنحاء العالم. ومن المحزن للغاية أن نرى كيف أثّر هذا الوباء بشكل مباشر على حياة النّاس وعلى القطاعات الاجتماعية والاقتصادية، بعد أن بدأت الحكومات في جميع أنحاء العالم في اتخاذ تدابيرًا محددةً للإقفال العام في محاولة لمنع انتشار كوفيد19.
خلال هذه الفترة العصيبة، يقوم بعض المتطوعين المدربين من قبل منظمة الصّحة العالمية بزيادة الوعي في لبنان حول كيفية الوقاية من الإصابة بـ كوفيد19، وهنا حصلت على مغامرتي الأولى حول نصائح السّلامة من هذا الوباء.
بدأت التّجمعات والندوات الثّقافية التي حضرتها تتباحث بتدابيرٍ صارمةٍ لمنع الوباء وزيادة الوعي حوله، وأرجأت المنظمات غير الحكومية والبلديات تنفيذ بعض مشاريعها وعلّقت المؤتمرات واجتماعات ورشات العمل وعقدنا اجتماعاتً عبر الإنترنت لإنجاز بعض الأعمال.
كما أن الأخبار المرهقة حول الوباء دفعت النّاس إلى حالةٍ من الشراء المذعور لأقنعة الوجه ومعقمات اليد مما أدى إلى ازدحام الأسواق.
يصادف اليوم 23 آذار، لقد استيقظت وسمعت صوتًا عاليًا لمروحيّةٍ، وشاهدت الأخبار: "استجابةً لتفشّي فيروس كورونا، أمرت الحكومة اللبنانية بإقفال عام في البلاد وإغلاق الشّركات والحد من حركة النّاس".
وصمّمت وزارة الصّحة والمنظمات الدولية ووحدة إدارة مخاطر الكوارث خطة الاستجابة الوطنية (NRP) لاختيار وإدارة مناطق الحجر الصحي بشكلٍ مناسبٍ.
كما منعت وزارة التّربية والتّعليم الطّلّاب من الذّهاب بشكلٍ شخصي إلى المدارس والجامعات. وبدأت بعض القطاعات التّعليمية القيام بدورات عبر الإنترنت لطلّابها، وأُقفلت المطاعم ومحلات الملابس أيضاً وأصبحت محلات السّوبر ماركت تفتح لوقتٍ محدّدٍ لكي تخدم عملائها ولكن لا تسمح لهم بالدخول. وكانت أجواء الإحباط تكشف عن الصّعوبات الاقتصادية المتزايدة بسبب انخفاض قيمة العملة الوطنية والزّيادة السّريعة في أسعار المشتريات بعد تفشّي الوباء. كما فرض الإقفال العام خسائرً فادحةً على المجتمعات الفقيرة والمهمشة في لبنان.
يمكنني سماع أصوات قادمة من مكبرات صوت طائرات الهليكوبتر التّابعة للجيش التي تدعو إلى زيادة الوعي وتذكير السّكان بالالتزام بتدابير الوقاية من فيروس الكورونا.
أشاهد الشّوارع من الشرفة وهي خالية وهناك قلة قليلة من المشاة، كما يُسمح للسّيارات بالتحرّك اعتمادًا على رقم اللّوحة إذا كان فرديًا أو زوجيًا، حيث تم تحديد أيام معينة لكل من الفئتين.
لقد اضطررنا جميعًا إلى التّوقف عن القيام بجميع "الأنشطة غير الضّرورية" بالنسبة لنا وأصبح من غير المفترض الخروج إلا لشراء المواد الغذائية الأساسية أو الاحتياجات الطّبية أو مساعدة أشخاص محتاجة أو المشي وممارسة الرّياضة.
كما أصبحت التّجمعات والمناسبات العائلية تتم على وسائل التّواصل الاجتماعي خلال فترة انتشار الوباء كي نشعر بأهمية بقائنا إيجابيين من أجل أنفسنا والآخرين ونقوم بتقدير ذلك. ونتواصل فقط لتقديم الدّعم والنّصائح والأفكار لنتجاوز هذه المرحلة الصّعبة.
يوميات فريق الازدهار خلال الإقفال العام
لم يكن هناك العديد من الجوانب المضيئة خلال فترة تفشّي الوباء لكن العودة للطّبيعة كانت واضحةً مع تباطؤ وتيرة الحياة الحديثة الجنونية. وفي الواقع، مع إغلاق العديد من المصانع والشّركات وإلغاء الرّحلات الجوية ووجود عدد أقل من السّيارات في الطّريق والطّائرات في السّماء، فإن بيئتنا الطبيعية تتعافى بشكلٍ كبيرٍ. وبالإضافة إلى ذلك، أدّى الإقفال العام إلى وجود هواءً أنقى: حيث تفيد تقارير عديدة بأن فترة الكوفيد19 يمكن أن تكون قد أدّت إلى أكبر انخفاض في انبعاثات الكربون النّاتجة البشرية المنشأ (الانبعاثات النّاتجة عن النّشاط البشري) وأدت إلى وجود هواء نقي مثل الذي قد نتنفسه في مستقبل منخفض الكربون. كما أنها أيضًا زادت الوعي حول النّظافة الشّخصية وفائدة التّباعد الاجتماعي.
يستمر التقدّم في الانتقال إلى الاستخدام العالم الرّقمي للقيام بالأعمال ويتزايد حصول التّفاعلات الاجتماعية عبر الإنترنت. في مرحلة ما بعد الوباء، سيكون التّباعد الاجتماعي أولويّة رئيسيّة في إعادة تصميم الأماكن العامّة والتّخطيط والعمليات العمرانية. كما يجب أن تكون الشّركات الكبيرة والنّاشئة ناجحة أيضًا في التّكيّف مع التّغيّرات الحاصلة على أرض الواقع.
بالرّغم من جميع الجوانب السّلبية لفترة الوباء التي فكرنا فيها معًا، لقد جعلتني هذه الفترة أقدّر الأشياء البسيطة في حياتنا وأن أكون دائمًا ممتنة، فعلى سبيل المثال، وسائل التّواصل الاجتماعي والاجتماعات عبر الإنترنت مفيدة إلى حدٍ ما ولكنّني ما زلت أتطلّع إلى زيارة أفراد أسرتي ومقابلة زملائي في العمل بشكلٍ شخصي.
كابتن سارة
سارة قبطان، ماجستير هندسة بيئية، لبنانية تعيش في الميناء، شمال لبنان